مشاركة السفير اليمني في ندوة حول أزمة الوعي بالقضية اليمنية

شهدت مدينة إسطنبول التركية اليوم انعقاد ندوة فكرية مهمة بعنوان “أزمة الوعي بالقضية اليمنية: صراع منسي وتداعيات كارثية”، نظّمتها المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية، بمشاركة نخبة من الدبلوماسيين والباحثين والمفكرين والإعلاميين اليمنيين والعرب، في إطار الجهود الرامية لإبقاء القضية اليمنية حاضرة في الوعي العربي والدولي، وكشف جذور الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ انقلاب مليشيا الحوثي على الدولة في سبتمبر 2014.
افتتح أعمال الندوة سعادة السفير محمد صالح طريق، سفير الجمهورية اليمنية لدى الجمهورية التركية، بكلمة أكد فيها أنّ مأساة اليمن ليست مجرد حرب أو أزمة إنسانية، بل هي “معركة وعي قبل كل شيء”، مشددًا على أن مليشيا الحوثي الانقلابية كانت السبب الرئيس في ما وصل إليه اليمن من انهيار سياسي وإنساني، وأن القوى الفكرية والإعلامية والدبلوماسية مطالَبة بفضح خطابها التضليلي، وصياغة خطاب وطني جامع يحمي السردية اليمنية من محاولات التحريف.
وانقسمت أعمال الندوة إلى أربعة محاور رئيسية قدّم خلالها المشاركون أوراقًا تحليلية معمّقة. ففي المحور الأول، استعرض الأستاذ زايد جابر – وكيل وزارة الثقافة، جذور أزمة الوعي، مبيّنًا أن القضية اليمنية فقدت حضورها العادل بعدما تحوّلت إلى مجرد ملف إنساني، في حين استثمرت مليشيا الحوثي هذا الفراغ لتسويق رواية “المظلومية التاريخية” وتضليل الرأي العام، الأمر الذي أضعف الاهتمام الدولي بالقضية اليمنية.
أما في المحور الثاني، فقد شدد الأستاذ طلال جامل – المستشار الإعلامي بسفارة اليمن في أنقرة، على دور البعثات الدبلوماسية كخط الدفاع الأول عن الشرعية، داعيًا إلى توحيد الخطاب الخارجي وتطوير استراتيجيات إعلامية ودبلوماسية تكشف حقيقة الحوثيين وتفضح انتهاكاتهم، مع ضرورة إشراك الجاليات اليمنية في تعزيز الرواية الوطنية.
وفي المحور الثالث، انتقد الدكتور عبد الله التميمي – أستاذ الإعلام والاتصال، تهميش الإعلام العربي للقضية اليمنية واختزال الإعلام الدولي للصراع في بعده الإنساني فقط، مؤكدًا أن ذلك ساعد الحوثيين على التمدد إعلاميًا. ودعا التميمي إلى بناء حملات إعلامية احترافية تُبرز حقيقة أن الأزمة اليمنية ناتجة عن انقلاب مسلح شنته مليشيا إرهابية، وأن الصراع معها ليس مجرد نزاع داخلي بل معركة وجود وهوية.
أما المحور الرابع فقد ركّز على المجتمع المدني، حيث أوضح الدكتور وحيد الفريس – رئيس الجالية اليمنية في تركيا، أن منظمات المجتمع المدني باتت رافعة رئيسية للوعي اليمني، خصوصًا في مواجهة خطاب الحوثيين، مؤكدًا الحاجة إلى تنسيق الجهود وإنشاء مجلس تنسيقي أعلى يوحد المنظمات اليمنية في المهجر ويصوغ استراتيجية إعلامية متعددة اللغات تفضح جرائم المليشيا الانقلابية وتُظهر حقيقة مشروعها الطائفي.
وفي ختام الندوة، أجمع المشاركون على أن المعركة الحقيقية لليمن اليوم هي معركة وعي في مواجهة مليشيا الحوثي الانقلابية، وأن أي حلول سياسية أو عسكرية ستظل ناقصة إن لم تترافق مع خطاب وطني موحد يواجه التضليل ويعيد الاعتبار للسردية اليمنية.
كما خلصت الندوة إلى جملة توصيات أبرزها: صياغة خطاب مزدوج للداخل والخارج، تفعيل دور الطلاب اليمنيين في الجامعات التركية، إعداد نشرات دورية بلغات متعددة وعلى رأسها التركية لشرح حقيقة انقلاب الحوثيين، تطوير إعلام موجه للخارج يكشف ممارسات المليشيا، والتأكيد على أن الصراع مع الحوثيين هو صراع فكري وعقائدي بقدر ما هو عسكري.
وهكذا أكدت الندوة أن استعادة اليمن تبدأ بفضح المشروع الحوثي الانقلابي وتعزيز الوعي الجمعي، باعتباره السلاح الأهم لحماية الهوية الوطنية وإعادة القضية اليمنية إلى صدارة الاهتمام العربي والدولي.