برامج وأنشطةتقاريرندوات

الانتخابات المحلية في تركيا 2019.. قراءة في المتغيرات

نظمت المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية ندوة بعنوان “الانتخابات المحلية في تركيا 2019 .. قراءة في المتغيرات” تحدث فيها الباحث التركي والبرلماني السابق عن حزب العدالة والتنمية، رسول توسون، عن البنية السياسية في تركيا وطبيعة التحالفات السياسية القائمة في البلد. كما تطرق خال الندوة إلى صورة نظام الحكم والمتغيرات التي طرأت عليه خال السنوات الأخيرة وكيف سيؤثر ذلك على الانتخابات المحلية التي ستجرى في 31 مارس من العام الجاري 2019.

البنية السياسية

عدد الأحزاب بلغ 96 حزباً حسب معطيات الادعاء العام التابع للقضاء العالي، ولكن الأحزاب التي تستحق مشاركة الانتخابات هي 13 حزبا فقط منها حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديموقراطي وحزب اليسار الديموقراطي وحزب الدعوة الحرة حزب الحركة القومية والحزب الجيد وحزب الوطن وغيرها.

الشرط في استحقاق المشاركة في الانتخابات مبني على المادة 36 من قانون الأحزاب التي تنص على أن “لمشاركة أي حزب ما في الانتخابات لا بد أن يقوم الحزب بإتمام تشكيل فروعها في نصف المدن التركية قبل ستة أشهر من يوم الاقتراع وعقد المؤتمر العام أو أن تكون له كتلة برلمانية لا تقل عن 20 نائباً.”

الاتجاهات الشعبية

تعتبر القواعد الشعبية للأحزاب أن 70-80% من الشعب محافظاً بينما تتراوح نسبة من يتمسكون بالعلمانية المتشددة بين 20-30% وهذه النسبة هي التي تنزعج من الاسلام وتحاول إبعاده عن المجتمع كلياً عكس اتجاه أغلبية الشعب.

أغلبية الشعب لا يتفق على حزب واحد بل يتوزعون إلى أحزاب صغيرة، ويشكل حزب العدالة والتنمية أكبر حزب في هذا الجناح يليه حزب الحركة القومية، كما يتزعم حزب الشعب الجمهوري العلمانيين.

نظام الحكم

هنا لا بد من التطرق إلى تغير النظام في السلطة التنفيذية لكي نفهم الفارق بين الانتخابات الرئاسية والبلدية.

النظام البرلماني

كان النظام في تركيا نظاماً برلمانياً إلى أن تم تعديله بعد الاستفتاء الذي تم اجراؤه عام 2016. كان الحزب الذي يحصل على اغلبية المقاعد في البرلمان يحق له أن يشكل الحكومة بشرط الحصول على ثقة البرلمان. لكن إن لم يحصل أي حزب على اغلبية المقاعد فيأتي هنا دور الحكومات الائتلافية. ولكن تركيا عانت كثيراً من الحكومات الائتلافية، حيث فقدت جميع مكتسباتها التي حققتها في عهد حكومات الحزب الواحد مثل الحزب الديمقراطي وحزب العدالة وحزب الوطن الأم.

كانت الأحزاب الصغيرة التى تملك عدداً ضئيلاً من النواب تلعب دوراً هاماً في تشكيل الحكومات، وغالباً كانت تعرقل تشكيلها وبذلك يمتد الفراغ الحكومي لأشهر أو كانوا يشاركون في الحكومة ويعقدون الأمور من الداخل

منذ سنة 1950 التي بدأت فيها عملية التعددية الحزبية وحتى سنة 2002، حين استلم حزب العدالة والتنمية السلطة، عاشت تركيا 19 سنة من عهد الحكومات المستقرة بيد حزب واحد، وظهرت فيها النهضة والتنمية، لكن 23 سنة كانت هناك حكومات ائتلافية فقدت فيها تركيا ما كسبته في عهد حكومات الحزب الواحد، وهذا يعني أن النظام البرلماني لا يضمن الاستقرار بل كان يضر البلد.

النظام الرئاسي

بعد أن حكم حزب العدالة والتنمية لمدة 16 سنة بمفرده طرح مشروع تغيير النظام من البرلمانى إلى الرئاسي كي لا تخسر تركيا مكتسباتها.

وبعد افشال المحاولة الانقلابية القضائية في 17-25 ديسمبر 2013 اقتنع زعيم حزب الحركة القومية بهذا التغيير، حيث شاهد بيقين الهجمات الامبريالية التى استهدفت عرقلة نمو تركيا بأيدي عميلة وتم تغيير النظام إلى الرئاسي في استفتاء شعبي سنة 2016. وتم انتخاب أول رئيس في النظام الرئاسي سنة 2018 حيث فاز أردوغان بالرئاسة من الجولة الأولى للانتخابات.

وهذا يعنى أن مشاركة العلمانيين في السلطة عبر الحكومات الائتلافية باتت مستحيلة. كما أن النظام الجديد قد سد باب السلطة التنفيذية أمام العلمانيين واليساريين فهم لم يستطيعوا ترشيح مرشح علمانى بعيد عن الاسلام وإنما لجأوا إلى ترشيح المحافظين مثل أكمل الدين احسان أوغلو سنة 2014 وحاولوا أن يقنعوا عبد الله غول سنة 2018 للترشح للانتخابات الرئاسية عام 2018.

خلاصة الكلام أن النظام الرئاسي يفرض على البلد رئيساً محافظاً ويمنع رئيساً علمانياً من الوصول إلى رأس السلطة. وهذا مكسب هام للغاية بالنسبة للمحافظين، وبعبارة أخرى، مكسب للإسلام. فالمعارضة الشديدة التي يشنها العلمانيون ضد النظام الرئاسي تأتى من هذه الحقيقة!

هنا يجب أن نقول إن الانتخابات البلدية مهما كانت نتائجها فهي لا تؤثر على الرئيس المنتخب دستورياً وقانونياً. وحتى إن خسر حزب العدالة والتنمية في الانتخابات -استطلاعات الرأي تقول عكس ذلك-فإن الرئيس أردوغان سيستمر في الحكم إلى سنة 2023 وليس للمعارضة سبيل شرعي لإسقاط الرئيس!

لقراءة المزيد الانتخابات المحلية في تركيا 2019

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى