المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية تنظم ورشة “النخب اليمنية وصناعة المستقبل”

إسطنبول – الخميس، 17 يوليو 2025
في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها المشهد اليمني، نظّمت المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية في مدينة إسطنبول ورشة نقاشية موسعة بعنوان “نحو دور فاعل للنخب اليمنية في رسم مستقبل اليمن“، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والمفكرين والسياسيين والناشطين اليمنيين.
محاولة لإعادة تعريف دور النخبة.
جاءت هذه الفعالية النوعية كمبادرة لتفعيل دور النخب اليمنية في تجاوز حالة الانقسام، والمساهمة في بناء مشروع وطني جامع، يستند إلى قيم التعددية والعدالة والمواطنة المتساوية. وقد هدفت الورشة إلى تشخيص واقع النخب اليمنية، واستكشاف قدراتها وحدود تأثيرها، إضافة إلى رسم معالم خريطة طريق تعزز من حضورها في المشهد اليمني الراهن والمستقبلي.
نقاشات متعددة ومحاور عميقة.
توزعت مداولات الورشة على أربعة محاور رئيسية، شهدت نقاشات معمّقة وتفاعلاً لافتًا من الحضور، وخرجت برؤى وتوصيات مهمّة.
أولًا: تشخيص واقع النخب اليمنية:
ركزت المداخلات على حالة الشتات والتشرذم التي تعيشها النخب اليمنية، والتي تعيق قدرتها على التأثير الفاعل. إذ تعاني هذه النخب من التهجير، والتشظي، وانعدام الثقة، إضافة إلى اختلاط دور النخبة مع أصحاب المصالح، مما أضعف حضورها.
وتفاوتت الآراء بين من يرى أن النخبة اليمنية تعيش حالة من الارتهان، وتعاني من غياب الحرية الفكرية، وبين من اعتبر أن هناك نخبًا رئيسية لا يمكن تجاهلها، مثل العلماء ومشايخ القبائل. كما طُرح تصنيفٌ للنخب بين من هم خارج اليمن ولديهم مشاريعهم المستقلة، ومن يعيشون أوضاعًا معيشية صعبة تُقيد حركتهم.
ثانيًا: النخب وصناعة القرار الوطني:
ناقش المشاركون أهمية إيجاد حاضنات فكرية ومؤسسية تُمكّن النخب من التأثير في صناعة القرار، وأجمع عدد من المتحدثين على أن النخب حاولت مرارًا دعم القضية اليمنية، لكنها بحاجة إلى أرضية مشتركة تجمعها، ولقاءات تخصصية تُفعّل دور كل فئة منها.
وبرزت دعوات إلى تمكين نخب الداخل وتعزيز التواصل بينها وبين النخب في الخارج، لبناء قرار وطني جامع بعيدًا عن الاستقطابات.
ثالثًا: الشتات اليمني كقوة ناعمة:
رغم المآسي التي صاحبت الهجرة والنزوح، إلا أن الورشة سلّطت الضوء على الإمكانات الكبيرة التي يحملها الشتات اليمني، المكوّن من أكاديميين، إعلاميين، سياسيين، رجال أعمال ومثقفين. وأكد المشاركون أن هذا الشتات يمكن أن يتحول إلى “قوة ناعمة فاعلة“ ترفد الداخل بالمعرفة والتأثير والدعم.
ودعا المشاركون إلى بناء منصات جامعة للنخب في الخارج، تعمل على تقديم المبادرات الوطنية، وتشكّل رافعة معرفية وسياسية تساهم في إعادة بناء اليمن، شريطة أن يكون العمل جماعيًا ومؤسسيًا، وبعيدًا عن الاصطفافات.
رابعًا: نحو خريطة طريق للنخب اليمنية:
اختُتمت المحاور بدعوة صريحة إلى بعث الروح الثورية في النخب، والتخلّص من عقلية الإحباط وجلد الذات. وطالب المشاركون بضرورة البحث عن داعمين للمشاريع النهضوية، وتوفير احتياجات النخب الفكرية والتنظيمية.
كما نُوقشت فكرة فرز النخب اليمنية في المهجر – وخاصة في إسطنبول – للبدء في بلورة أدوارها الوطنية بفاعلية، وتغذية المشهد اليمني بالخبرة والرؤية والمعرفة.
دعوات للتنسيق والاستمرار.. والمؤسسة مرشحة لقيادة المبادرة.
في ختام الورشة، أجمع المشاركون على أهمية بناء جسور ثقة بين مكونات النخب اليمنية، وتعزيز التنسيق بينها، وخلق بيئة سياسية حاضنة تُعيد دورها إلى الواجهة. كما طُرحت توصيات بعقد ورش عمل متخصصة لاحقًا، على أن تضطلع المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية بدور قيادي في توحيد هذه الجهود وقيادة المبادرات المستقبلية.
بهذا الحدث، تفتح المؤسسة نافذة جديدة نحو تفعيل الدور المجتمعي والسياسي للنخب اليمنية، وسط آمال واسعة بأن تشكل هذه الورشة نقطة انطلاق حقيقية نحو التغيير المنشود.