آخر الأخبارأخبارقضايا راهنةمقالات
أخر الأخبار

الإنسان اليمني والصراعات المحلية عبر التاريخ

الخاسر الوحيد فيما يجري على الأرض اليمنية اليوم من صراعات هو المواطن اليمني على امتداد بقعة الأرض اليمنية

*عبد الرحمن العامري

تقع اليمن في موقع استراتيجي كلف أهلها الكثير من المعارك عبر التاريخ، وجعلها ساحة صراع محلي وإقليمي ودولي، خصوصاً أنها تجاور المملكة العربية السعودية وتطل على مضيق باب المندب، أحد أهم المعابر المائية في العالم.

ذكر الدكتور علي عباس، المحاضر بقسم العلاقات الدولية بكلية العلوم السياسية في جامعة دمشق، أن “اليمن يتمتع بأهمية جيوسياسية تتجلى بالموقع الجغرافي، وما يختزنه هذا النطاق الجغرافي من ثروات وموارد طبيعية هامة (فوق الأرض وتحتها)، إضافة إلى الإرث الحضاري والثقافي للشعب اليمني الأكثر تميزاً في شبه الجزيرة العربية. وبنفس المعنى تحدث الباحث مهران غطروف لوكالة “سبوتنيك” أن “الأهمية الذهبية لموقع اليمن الجيواستراتيجية تكمن في موقعه على من جبهتين مائيتين، تمتدان على مساحة 2500 كم، فهي تطل على بحر العرب وخليج عدن جنوبا، وعلى البحر الأحمر غربا.

وضاعف من أهمية موقع اليمن انتشار الجزر البحرية في مياهه الإقليمية على امتداد بحر العرب، وخليج عدن، والبحر الأحمر؛  كجزيرة بريم المطلة على مضيق باب المندب. كما ازدادت أهمية اليمن البحرية بعد إنشاء قناة السويس، حيث أصبح باب المندب أحد أهم المضائق المائية العالمية، باعتباره يشكل “عنق الزجاجة” بالنسبة للبحر الأحمر من الجهة الجنوبية، والمتحكم بالطرق التجارية بين الشرق والغرب.

ظلت اليمن عبر التاريخ مطمع لكل الممالك والحكام، وجلبت على قاطنيها الحروب والمعارك التي لم تتوقف غير برهات قليلة من الزمن لتبدأ الاستعداد لمعارك جديدة بمبررات وشعارات شتى.

وتسبب موقعها الاستراتيجي في دفع العديد من القوى الإقليمية والعالمية لمحاولة غزوها والاستيلاء عليها عبر عقود من الزمن، فلم تشهد اليمن الاستقرار الحقيقي إلا في القليل النادر!

وفي حال كتب لليمنيين الاستقرار أو البعد عن المحتل الخارجي؛ تبدأ الصراعات بين أهلها من أصحاب النفوذ والسلطان والأطماع المحلية؛ فتارة يكون الصراع بين السلاطين والحكام، وتارة بين أصحاب المذاهب والقبائل.

واليمن اليوم (الجمهورية اليمنية) الموحدة، لا تزال تشهد صراعات مختلفة وبشتى الطرق والأساليب والوسائل المتعددة، يدفع ثمنها المواطن اليمني بين هجرة وعذاب واغتراب وصراعات ونزوح وتضحيات دائمة.

الصراعات التي تحدث في الأرض اليمنية؛ سواء كانت داخلية ممولة من الخارج، أو خارجية بحته، تصب جميعها في بوتقة واحدة وهي معاناة من يسكن هذه الأرض عبر التاريخ وحتى اليوم المشهود.

وما يجري على الأرض اليمنية اليوم من صراعات الخاسر الوحيد فيها هو المواطن اليمني على امتداد بقعة الأرض اليمنية؛ وذلك بسبب الأطماع ولا شيء غير الأطماع، سواء كانت أطماعا أجنبية أو محلية.

إن ما يحدث اليوم من صراع ولو كان بين فصائل يمنية كما يظهر للمتابع، ماهو إلا نتيجة للأطماع والأجندات الإقليمية والدولية التي تمول وتوظف الصراع لإعادة رسم المشهد اليمني حسب مصالحها وأهدافها.

الصراع اليوم داخل اليمن، هو صراع بين أبناء اليمن الواحد، حيث تعمل جميع أطراف الصراع مع أطراف خارجية بحثا عن التمويل والإمداد لتنتصر على خصمها على الأرض. ولذلك تذهب كل جماعة للبحث عن مناصر لفكرتها أو مذهبها، وتحول كل فصيل إلى تابع لمن يدفع له المال والسلاح، سواء كان مدركا لذلك أو غير مدرك.

وما يجري اليوم على الأرض اليمنية هو في الحقيقة تصفية حسابات بين قوى إقليمية، ورسم لخريطة البلد استجابة لأطماع دولية.

ورغم كل التعقيدات التي تجعل الحليم حيراناً مما يجري على الأرض اليمنية، إلا أن المتابع لا يخطئ التمييز بين من يعمل لصالح البلد ويقدم التضحيات الكبيرة والتنازلات الجسيمة، بهدف الحفاظ على شكل الدولة ووحدة المجتمع وحماية الأرض والعرض والانسان.

*الكاتب من خريجي برنامج “مهارات كتابة المقال السياسي” الذي ترعاه المؤسسة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى