برامج وأنشطةندوات

230

إسطنبول – خاص

في ظل احتدام المشهد الإقليمي وتصاعد حدة المواجهة بين إيران وإسرائيل، وتحوّلها إلى صراع متعدد الأبعاد يتجاوز الإطار العسكري المباشر إلى ميدان السياسة والتحالفات والتوازنات الاستراتيجية، نظّمت المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية، مطلع هذا الأسبوع في مدينة إسطنبول، ندوة فكرية استراتيجية بعنوان:

المواجهة الإيرانية – الإسرائيلية: التحولات الجيوسياسية والتداعيات الإقليمية

الندوة، التي شهدت حضورًا نخبويًا من الباحثين والمفكرين والخبراء في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات الدولية والأمن الإقليمي، بالإضافة إلى شخصيات سياسية وإعلامية بارزة، شكّلت منصة فكرية مهمة لاستشراف أبعاد التصعيد الإيراني – الإسرائيلي، وتحليل انعكاساته على أزمات المنطقة، ومآلات الصراع في سياق التحولات الجارية في بنية النظام الإقليمي والدولي.

وفي كلمته الافتتاحية، أشار مقدم الندوة إلى أن “المشهد الإقليمي يقف على أعتاب مرحلة جديدة تُعاد فيها صياغة موازين القوى، وتتداخل فيها مشاريع النفوذ، وسط سباق محموم بين محاور متنازعة تسعى كل منها إلى فرض رؤيتها على مستقبل المنطقة”، مؤكداً أن “فهم هذه اللحظة التاريخية بكل ما تحمله من مخاطر وفرص هو مسؤولية النخب الفكرية والسياسية، ودور المؤسسات البحثية أن توفر الإطار العلمي للتحليل الرصين والقراءة العميقة”.

وقد تطرقت محاور النقاش إلى جملة من القضايا الجوهرية:

•           السياق الجيوسياسي للمواجهة الإيرانية – الإسرائيلية

•           انعكاس الصراع على الأزمة اليمنية

•           تداعيات المواجهة على المشهد الفلسطيني، لا سيما في قطاع غزة

•           مستقبل سوريا وسط تصاعد الضربات الإسرائيلية وتراجع النفوذ الإيراني

•           دور السياسة التركية في إدارة التوازنات الإقليمية

وأجمع المتحدثون على أن المواجهة الحالية ليست مجرد اشتباك عسكري عابر، بل هي صراع مشاريع كبرى يُعيد تشكيل خارطة النفوذ الإقليمي. كما أكدوا أن الملف النووي الإيراني، رغم أهميته، ليس سوى واجهة لصراع أعمق على النفوذ والهيمنة في المنطقة.

وشدد المشاركون على أن اليمن يُعدّ اليوم ساحة محورية في الحرب غير المباشرة بين إيران وإسرائيل، مع احتمالات متزايدة لانخراط الحوثيين بصورة أوسع، سواء عبر استهداف المصالح الإسرائيلية أو بتهديد الممرات البحرية الحيوية.

وفيما يخص المشهد الفلسطيني، رأى الخبراء أن استمرار التصعيد سيزيد من تعقيد الوضع في غزة، مع توجه إسرائيل إلى تكثيف الضغط العسكري والحصار، وسط رهانات إسرائيلية على إضعاف محور المقاومة في حال تراجع المشروع الإيراني.

أما في سوريا، فقد اتفقت المداخلات على أن الساحة السورية ستظل جزءاً من الحسابات الاستراتيجية للطرفين، مع تراجع نسبي للنفوذ الإيراني في ظل الضربات الإسرائيلية المكثفة، مقابل تطلعات النظام الجديد في دمشق إلى تعزيز استقلاليته وإعادة ضبط علاقاته الإقليمية.

وفيما يتعلق بالدور التركي، اعتبر المشاركون أن أنقرة تواصل إدارة موقفها ببراغماتية حذرة، بين تطلعاتها الإقليمية، وحرصها على عدم الانزلاق إلى معادلة مواجهة مباشرة أو انحياز صريح، وهو ما يمنحها مساحة مرنة للمناورة الدبلوماسية.

وفي ختام الندوة، صدرت عدة توصيات استراتيجية، أبرزها:

1.         الدفع بقوة نحو مسارات خفض التصعيد بين إيران وإسرائيل

2.         إعادة إحياء قنوات الحوار حول الملف النووي الإيراني

3.         تعزيز الحلول السياسية الشاملة في أزمات اليمن وسوريا وغزة

4.         بناء آليات أمن إقليمي متعددة الأطراف

5.         بلورة رؤية فكرية عربية وإسلامية موحدة تجاه التحولات الجارية

6.         الحذر من الرهانات الخاطئة على سقوط أي طرف إقليمي، لما يحمله ذلك من تداعيات معقدة على التوازن الإقليمي.

وقد أكدت المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية، في بيان ختامي، على أهمية مواصلة النقاش المعمّق حول هذه الملفات الحيوية، واعتزامها تنظيم مزيد من الندوات والملتقيات الفكرية، لمواكبة تطورات المشهد المتسارع، وتقديم رؤى استراتيجية تُسهم في تحقيق استقرار المنطقة، وخدمة القضايا العادلة للأمة العربية والإسلامية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى