صدر حديثاً: الحركة الحوثية والقبيلة اليمنية

للدكتور عادل دشيلة
يمر اليمن اليوم بمرحلة حرجه؛ نتيجة للحرب الدائرة التي أدت إلى تفكك نسيجه الاجتماعي، وحلّت الكيانات المسلحة بدلًا عن الدولة، وتم استنزاف القبيلة التي هي أكبر شريحة اجتماعية في المجتمع، وفي خضم هذه الأحداث تبرز الحاجة لتحليل العلاقة بين الحركة الحوثية والقبيلة اليمنية منذ عام 2011 حتى نهاية عام 2020 وقراءة هذه العلاقة بطريقة منهجية بعيدًا عن التخمينات، وما يُشاع بطريقة عامة، إضافة إلى تحليل ما حصل خلال تلك الفترة من صراعات، وتحالفات، وحوارات سواءً بين الحركة والقبيلة، أو بين الحركة والدولة.
ولقد أصبحت مشكلة الحركة الحوثية كحركة عقائدية وعلاقتها بالقبيلة من المشكلات التي تحتل المرتبة الأولى من اهتمام الباحث في العلوم الاجتماعية والسياسية في اليمن، فضلا عن أن جزءًا من القبيلة هو أحد أدوات الحركة الحوثية الصلبة.
لذلك، فإن أول ما استوقفنا لدراسة ظاهرة سقوط المناطق القبلية هو ضرورة الإقرار بخصوصية هذه المناطق التي ظلت مهمشة طوال الفترة الممتدة بين عامي 1962-2010م، مما جعلها سهلة للاختراق؛ نتيجة لعدة عوامل منها الفقر، الجهل، الثارات، انتشار الأمية، تدني مستوى التعليم، قلة الخدمات… إلخ.
يرى كثيرون أن الحركة الحوثية استغلت قوتها العسكرية للسيطرة على صعدة، ومن ثم طرد القبائل التي كانت ضد فكرها، وتمددت جنوبًا حتى وصلت سفيان، وقفلة عذر بمحافظة عمران، وهناك بدأت تستغل الخلافات السياسية بين القبائل الموالية لحزبي الإصلاح والمؤتمر حتى اسقطت العاصمة صنعاء غداة 21/ أيلول سبتمبر 2014. لذلك، فإن الحاجة تدعو إلى إعداد دراسات تاريخية، وسياسية، واجتماعية وغيرها لدراسة وتوثيق تلك الحقبة الزمنية.
وفي ضوء ما سبق، تعطي الدراسة حيِّزا لدراسة العلاقة بين الحركة الحوثية وبين القبائل في المناطق الشمالية الواقعة تحت سيطرة الحركة بين عامي 2011 – 2020 وطبيعة هذه العلاقة، والتركيز على الطريقة التي استخدمتها الحركة لكسب ولاء أبناء القبائل من خلال الدورات الثقافية، والمراكز الصيفية، والأنشطة الدينية التي تقيمها الحركة في القرى والأرياف بشكل عام، وتوضح الدراسة الصراعات العسكرية التي تمت بين القبائل وبين الحركة الحوثية قُبيل سقوط العاصمة صنعاء بيد الحركة، وتشرح الوضع الحالي للقبيلة، وكيف تم إخضاع القوى القبلية اليمنية ذات الثقل القبلي والسياسي، كما تبين الوسيلة التي استخدمتها الحركة لإيجاد مشائخ جدد بدلًا عن المشائخ الأصليين، وتعطي صورة عن مراكز الانتشار للحركة الحوثية في المناطق الشمالية.
ويتمثل الهدف العام للدراسة فيشرح وتحليل العلاقة بين القبيلة وبين الحركة الحوثية بين عامي 2011-2020، إضافة إلى شرح أسباب سقوط المناطق القبلية بيد الحركة خلال هذه المرحلة، وتقديم صورة واضحة لوضع القبيلة في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، وتسعى الدراسة للإجابة على السؤال المحوري، حول طبيعة العلاقة بين القبيلة اليمنية وبين الحركة الحوثية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، هل هي علاقة انسجام ومصالح مشتركة، أم هي علاقة فرضتها طبيعة المرحلة، أم هي قائمة على الغلبة والقوة؟ بالإضافة إلى بعض الأسئلة الثانوية الأخرى حول: ما هو الفرق بين الحركة الحوثية كجماعة أيديولوجية وبين القبيلة كمكون اجتماعي، وما هي الوسائل والأساليب التي تم استخدامها لتطويع القبيلة؟
أمّا الاطار النظري للدراسة فيرتكز على أن كل محاولة لدراسة ظاهرة العلاقة بين القبيلة وبين الإمامة في الماضي وبينها وبين الحركة الحوثية في الوقت الراهن تلقى صعوبات قليل ما يعالجها الأخصائيون بطريقة منهجية قادرة على فهم هذه العلاقة بطريقة صحيحة بعيدًا عن المنهجية التقليدية القائمة على نظريات غربية لا تمت إلى واقع القبيلة اليمنية بصلة، باستثناء بعض الدراسات النادرة التي قام بها مفكرون وباحثون يمنيون، لكن هذه الدراسات لم تنل حظها من النشر، كي تكون مرجعية لمن يريد أن يكتب عن شؤون القبيلة اليمنية.
واعتمدت الدراسة على مقاربة تاريخية لتحليل العلاقة بين الحركة الحوثية كحركة عقائدية وبين القبيلة كمكون اجتماعي تقليدي، وبما يضمن تقديم رؤى وفهم للتحولات التي شهدتها القبيلة اليمنية بين عامي 2011 -2020، فعلى الرغم من وجود البنية القبلية في المناطق الشمالية، إلا أن القبيلة أفرغت من مهامها السياسية، وأصبحت غير قادرة على اتخاذ المواقف التي تدافع عن نفسها وعن أفرادها كما هو معروف تاريخيًا وحتى إلى عهد قريب.
لقد شهدت القبيلة تحولات وتغيرات كثيرة خلال العقد الثاني من القرن الحالي، ولم يتم التركيز على هذه التحولات ولم يستطع الباحثون القيام بدراسات ميدانية لفهم ما يجري على الأرض من وقائع وفهم التغيرات التي طرأت على الأعراف القبلية؛ نظرًا لسيطرة الحركة الحوثية عسكريًا على هذه المناطق، مما أعاق الكثير من الباحثين من إجراء بعض الدراسات الميدانية والوصول إلى المناطق القبلية، لذلك، قرر الباحث أن يكون عنوان الدراسة “الحركة الحوثية والقبيلة اليمنية بين عامي 2011-2020.”
وتعتبرالطريقة المنهجية من أهم الوسائل في البحث العلمي، لذلك استخدم البحث المنهج التاريخي لسرد الأحداث التي مرّت بها القبيلة خلال الفترة الموضحة في الدراسة، واستخدم مقاربات اجتماعية، وسياسية، وتاريخية، وسيكولوجية من منظور علم الاجتماع، كما استخدم البحث منهج الجماعات لتحليل العلاقة بين الحركة الحوثية وبين القبيلة، وكل ما نطمح له في هذه الدراسة هو إبراز حقيقة علاقة الحركة الحوثية بالقبيلة، وطرحها طرحا جديًا.
وقد وردت فصول الدراسة وفقًا لأهدافها؛ فاضطلع الفصل الأول بشرح مفهوم القبيلة، والاطلاع على نظامها القبلي، وكذلك توضيح نشأة الحركة الحوثية وفكرها السياسي والأيديولوجي، بالإضافة إلى شرح الفرق بين القبيلة اليمنية كمكون اجتماعي وبين الحركة الحوثية كحركة أيديولوجية مسلحة، وتعرّض الفصل الثاني لتمدد الحركة الحوثية العسكري في المناطق القبلية الشمالية، وتوضيح الوساطات التي كانت تعقد بين الحركة وبين القبائل من جهة، أو بين الحركة وبين الدولة من جهة أخرى، كما تطرق الفصل للتحالفات البرغماتية المؤقتة والمتناقضة التي تمت بين الحركة وبعض القوى السياسية والقبلية، وصولًا إلى مرحلة التمكين والهيمنة المطلقة للحركة على القبيلة في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، وناقش الفصل الثالث العلاقة التاريحية بين الإمامة وبين القبيلة، وكذلك مراحل تدرج العلاقة بين الحركة الحوثية وبين القبيلة اليوم، وشرح الوسائل التي تستخدمها الحركة الحوثية لترغيب القبيلة في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، وصولا إلى تطويعها بمختلف الوسائل، وتضمنت الدراسة الخاتمة والتوصيات.
يمكنك الحصول على نسختك الإلكترونية من الرابط التالي
https://www.ufuknesriyat.com/ar/alhrkt-alhwthyt