صدر حديثاً.. تدخل الإمارات في الشأن اليمني وتداعياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية

للباحث/ فيصل علي
عمل التدخل الأخير في اليمن على إذكاء الأزمات والخلافات، وسرعان ما أدى إلى مخاطر إعادة تمزيق الجمهورية اليمنية التي تأسست في 22 مايو 1990م، ومنذ انطلاقها أُعيد رسم الهوية السياسية للشعب وشعر المجتمع اليمني بالأمان وتوسعت أحلام الناس بالاستقرار على أرضهم والتي ما انفكت تعاني من الصراعات المحلية والتدخلات الإقليمية والدولية.
قمنا بتتبع فكرة التدخل في اليمن منذ أن كان مجرد فكرة إغريقية لغزو العربية السعيدة 324 ق.م حتى فترة عودة الإمامة بانقلابها على الدولة في 2014م، وما تلاه من تدخلات دولية وإقليمية حتى كتابة هذه الأسطر.
أخذنا بعين الاعتبار انزعاج اليمنيين من ظلم ذوي القربى الذين أتوا لإعادة الشرعية واستعادة الدولة التي أُسقطت في حضن الفرس في تكرار للتدخلات الأجنبية عبر التاريخ، ومع أن عملية البحث في هذا الكتاب قد تركزت حول تدخل الإمارات في اليمن، إلا أنها لم تُغفل ذكر من منحوها هي وغيرها الأسباب والمبررات في التدخل.
إِنَّ القراءة الكلية لليمن في مراحلها المختلفة كانت ضمن دوافعنا عند تأليف هذا الكتاب، لذا سيجد القارئ تكراراً لمفاهيم “اليمن الثقافي، واليمن الجغرافي، واليمن الديمغرافي، اليمن الطبيعي، واليمن الكبير، والأمة اليمنية “، وذلك ليس بغرض التفاخر أو البحث عن توسعة لرقعة الجمهورية اليمنية، بقدر ما هو محاولة لتوسيع النظرة للقضية اليمنية، ولإيصال القارئ في كل ربوع اليمن الكبير إلى إدراك أن “اليمننة” هي الطريق إلى استنهاض اليمن الحضاري من تحت ركام الحروب والصراعات مهما كانت دوافع المتحاربين، وأن الحل في الأخير لن يكون سوى يمني.
وجّهنا في ثنايا هذا الكتاب دعوةً إلى قراءة اليمن بعيداً عن حواجز السياسة وأوهام القُطرية، والبحث في خصائص المجتمع الكلي الذي شكل اليمن عبر التاريخ، وفي الجغرافيا التي تشكلت فيها الدول اليمنية المتعاقبة. هذه الجغرافيا اليمنية عرفها العالم القديم والحديث والمعاصر، وأعاد تعريفها لسان اليمن وفيلسوفها الحسن بن أحمد الهمداني حين وضع مصنفه العظيم (صفة جزيرة العرب)، واضعاً البُعد الجغرافي للتأصيل المعرفي بعد البُعدين التاريخي والاجتماعي اللذين وضعهما بعد انتهائه من مصنفه (الإكليل)، لم يقصر لسان اليمن بإعادة بناء اليمن فكرة وهوية وأمة في ظل أزمة هوية وتحديات تشبه هذه الأزمة وهذه التحديات التي يمر بها اليمن في الوقت الراهن. كما أن الكتاب أعاد التذكير بمشتركات المجتمع الكلية، والتي يتم تجاهلها عمداً وفقاً للسياسات المتعثرة.
في الكتاب محاولة لردم الفجوة التي توسعت بفعل النسّابة الذين لم تسند رواياتهم أية شواهد تاريخية أو آثار يمكن الاعتماد عليها، غايتهم بررت وسيلتهم في نشر العنصرية المُعزِزة لأداء الساسة الذين استنزفوا الدين ونصوصه لتثبيت أركان حكمهم، فعمدوا إلى تمزيق المجتمع ليتنافس في خدمتهم، فكانت خرافات العدنانية والقحطانية واليمانية والقيسية حاضرة في مرحلة تشكل الطوائف والمذاهب، وشكّلت بمجملها عملية ارتداد حضاري ما تزال أصداؤها تتردد إلى اليوم.
لمفهوم التدخل أشكال مختلفة تتعدد بحسب مبررات كل نوع من أنواعه، ومع ذلك لا يحدث التدخل إلا إذا وُجدت الصراعات الداخلية التي تُعطيه المبررات بإضعافها للدولة ومؤسساتها، وتوفيرها لفرص انتشار النزاعات ذات الطابع العرقي، والجهوي القروي، والديني الطائفي، مستخدمة السياسة في هدم المجتمع من الداخل، فلا تدخلات خارجية بدون صراعات داخلية في أي مجتمع مُوحد، وهي أشد حالاً عند تمزق المجتمع الأكبر إلى مجتمعات صغيرة متنافرة تجهل ضرورة توحدها.
تم تقسيم الكتاب إلى ثلاثة فصول، ناقش الفصل الأول، اليمن وموقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي أكسبها الأهمية منذ القدم. مع بقاء مُسمى اليمن محصوراً في إطار الجمهورية اليمنية ظل الموقع بنفس الأهمية والقيمة على مر العصور. كما تم عرض المُعضلة اليمنية المتمثلة بفشل الدولة والانقلاب عليها، مع امتداد هذه المعضلة تاريخياً إلى ما أطلقنا عليه تسمية (الهاشمية السياسية)؛ وهي الطامة التي حلت باليمن منذ القرن الرابع الهجري العاشر الميلادي. وكذلك عرض نبذة عن التدخلات الخارجية التي مرت بها اليمن في مختلف المراحل.
الفصل الثاني، ناقش مفهوم التدخل الدولي وأنواعه، مُفصِلاً التدخلات الدولية المعاصرة في اليمن، وكذلك التدخلات الإقليمية المتمثلة بالتدخل الإيراني في الشأن اليمني، وصولاً إلى تدخل التحالف والتدخل الإماراتي الذي يأتي في إطار التحالف. تخللت الفصل الدعوة إلى قيام ما أسميناه بـ (تحالف الضرورة) والخروج من الصراعات الداخلية: علمانية–دينية، شيعية–سنية، يسارية–يمينية، لمواجهة الخطر الحقيقي بين اليمن والفرس. واحتوى هذا الفصل على نموذج الدراسة الذي تم بناؤه على فرضياتها الثلاث المُتمثلة في وجود تأثيرات سياسية واقتصادية واجتماعية لتدخل الإمارات في اليمن.
الفصل الثالث، اشتمل على دراسة متكاملة لتدخل الإمارات في اليمن، بناها الاستبيان -وهو أداة الدراسة- على مجتمع وعينة الدراسة، وتم تحليل الدراسة باستخدام برنامجي الإحصاء (SPSS) & (SmartPLS)، للوصول إلى نتائج الدراسة، وخُتم الفصل بتوصيات الدراسة.
لتحميل الكتاب من هنا